السبت، 23 أكتوبر 2021

الرحلة الليلية

الرحلة الليلية

كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة ليلًا، والبيت غارق في هدوء تام بعد أن نام الأطفال. جلست ليلى على الأريكة تحتسي كوبًا من الشاي، تتصفح بعض الصور القديمة على هاتفها. فجأة، جاء حسام من المطبخ حاملاً معطفه، وقال بابتسامة غامضة:
– "ارتدي معطفك، سنخرج."
رفعت رأسها بدهشة:
– "نخرج؟ في هذا الوقت؟ وإلى أين؟"
– "مفاجأة… ثقي بي."

ترددت قليلًا، لكنها في النهاية قررت أن تسايره. ارتدت معطفها وأخذت حقيبتها الصغيرة، ثم خرجا معًا إلى السيارة. الطريق كان شبه خالٍ، والهواء البارد يتسلل من النوافذ قليلًا، ليعطي الرحلة نكهة مختلفة.
كانت ليلى تحاول أن تستنتج وجهتهما:
– "هل سنذهب إلى مطعم؟"
– "لا."
– "زيارة أحد الأصدقاء؟"
– "أبدًا."
– "إذًا أخبرني، لا تتركني متحمسة هكذا."
– "اصبري دقائق وستعرفين."

بعد حوالي نصف ساعة من القيادة، بدأ الطريق يرتفع تدريجيًا، والمدينة تبتعد شيئًا فشيئًا خلفهما. وصلوا أخيرًا إلى منطقة مرتفعة تطل على المدينة كلها. أطفأ حسام المحرك، وفتح صندوق السيارة، وأخرج بطانية وفشارًا في كيس ورقي، وقارورة عصير تفاح ساخن.
جلسا على مقدمة السيارة، والمدينة أسفلهم تلمع كحقل من النجوم. كان الصمت في تلك اللحظة أبلغ من أي كلام.

قال حسام وهو يمد لها كوب العصير:
– "أردت فقط أن أذكرك أننا نستطيع أن نصنع لحظات سعيدة في أي وقت، حتى لو لم يكن هناك مناسبة."
ابتسمت ليلى وهي تحتضن الكوب الدافئ بيديها:
– "وأنا أردت أن أقول لك إنني سعيدة لأنك لا زلت تفاجئني بعد كل هذه السنوات."

جلسا يتحدثان عن أحلامهما وخططهما، وعن أشياء بسيطة لم يجدا وقتًا للحديث عنها وسط زحام الحياة. ضحكا على مواقف قديمة، وتذكرا أول مرة التقيا فيها، وكيف تغيرت حياتهما منذ ذلك الحين.
كان الهواء البارد يلسع وجهيهما، لكن دفء اللحظة كان يغمرهما أكثر من أي معطف.

قبل أن يعودا، التقطا صورة سيلفي بخلفية أضواء المدينة. وعندما عادا للبيت، علقت ليلى الصورة على الحائط بجوار صور المناسبات الكبيرة.
وعندما سألها أحد الأصدقاء يومًا عن سبب وضع هذه الصورة تحديدًا في مكان بارز، قالت مبتسمة:
"لأنها تذكرني أن الحب ليس في الهدايا الغالية أو الرحلات البعيدة… بل في لحظة عفوية تحت سماء الليل، مع الشخص الذي يجعل الدنيا كلها تبدو أجمل."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق