وعد تحت المطر
كانت السماء ملبّدة بالغيوم في ذلك المساء، والمطر ينهمر بغزارة حتى بدا الشارع خالياً من المارة.
سلمى كانت واقفة أمام المقهى الصغير على زاوية الطريق، ترتجف من البرد وهي تنتظر. قلبها يخفق بسرعة، ليس فقط بسبب الطقس، بل لأن هذا اليوم قد يكون فاصلاً في حياتها.
وصل أحمد وهو يلهث، سترته مبتلة تماماً، وابتسامة خجولة على وجهه.
قال وهو يمد يده إليها:
– آسف على التأخير… المطر فاجأني.
ابتسمت سلمى رغم قلقها:
– لا بأس… المهم أنك أتيت.
جلسا داخل المقهى، وصوت المطر يطرق النوافذ كأنه يكتب لحنًا خاصًا لهما. كانت هناك رهبة بينهما، فقد جمعهما العمل منذ عامين، لكن لم يجرؤ أحدهما على الحديث عن المشاعر بوضوح.
أخرج أحمد ظرفاً صغيراً من جيبه ووضعه أمامها.
– قبل أن تقرئي، أريدك أن تعرفي أنني فكرت كثيراً قبل أن أكتب هذه الكلمات.
فتحت الظرف بيد مرتجفة، وقرأت رسالة قصيرة لكنها مليئة بالصدق: "سلمى… منذ أن عرفتك وأنا أرى الحياة بشكل مختلف. أريد أن أعيش معك كل فصول العمر… هل تقبلين أن نبدأ معًا؟"
رفعت رأسها، عينيها تلمعان بدموع امتنان وفرح.
– أحمد… لم أتوقع هذا، لكن… نعم، أوافق.
ضحك بخفة، ثم مد يده عبر الطاولة يمسك يدها، كان دفء أصابعه يتسلل إلى قلبها رغم برودة الجو في الخارج.
– أعدك… سأكون بجانبك في السراء والضراء، مثلما يقف المطر الآن ليغسل كل شيء، سنغسل نحن أي حزن قد يأتي.
ابتسمت وهي تهمس:
– إذن ليكن وعدًا… وعد تحت المطر.
ظلّا يتحدثان لساعات عن أحلامهما وخططهما، بينما المطر يخف شيئًا فشيئًا، وكأن السماء نفسها تمنحهما بركتها.
وعندما غادرا المقهى، كان الشارع يلمع تحت أضواء المصابيح، وكأن الطريق أمامهما أصبح أكثر إشراقًا.
كان ذلك اليوم بداية قصة حب لم تنتهِ، ووعدهما تحت المطر ظل محفورًا في قلبيهما كأجمل ذكرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق