السبت، 23 أكتوبر 2021

تأجيل الحلم

تأجيل الحلم

منذ أن كانت يمنى صغيرة، وهي تحب الزهور. كانت تمضي ساعات في حديقة بيت أهلها، تعتني بالأزهار الصغيرة وتراقب تفتحها مع أول شعاع للشمس. وعندما كبرت، حلمت أن تفتتح متجرًا خاصًا لبيع الزهور، متجرًا يعبق بالروائح العطرة ويملأه الألوان الزاهية.
لكن الحياة، كما تفعل دائمًا، كان لها رأي آخر. الزواج، ثم مسؤوليات البيت، ثم إنجاب طفلها الأول، وبعدها الثاني… وكل مرة كانت تقول: "لاحقًا… سأحقق حلمي لاحقًا."

زوجها فؤاد كان يعرف هذا الحلم جيدًا، فقد كانت تحكي له عنه كثيرًا. وفي كل مرة، كان يربت على يدها قائلًا:
– "سيأتي الوقت المناسب يا يمنى، لا تستعجلي."
لكن داخله كان يشعر بالأسف، لأنه يراها تؤجل حلمها عامًا بعد عام.

في ذكرى زواجهما الأولى، فاجأها فؤاد بطلب أن يخرجا في الصباح الباكر، دون أن يخبرها إلى أين. ركبا السيارة، وكانت شوارع المدينة لا تزال شبه فارغة. توقفت السيارة أمام محل صغير في شارع هادئ، وكان على واجهته لافتة "متاح للإيجار".
التفت إليها فؤاد مبتسمًا:
– "ماذا لو كان هذا هو متجرك؟"
اتسعت عيناها بدهشة:
– "متجري؟ تقصد…؟"
– "نعم، فكرت أن أستأجره لك، ونبدأ معًا تجهيز حلمك."

لم تستطع يمنى أن تمنع دموعها، كانت تتخيل هذا المشهد منذ سنوات، لكنها لم تصدق أنه يحدث بالفعل.
دخلت المحل الصغير، وجدت جدرانه فارغة، وأرضيته تحتاج إصلاحًا، لكن في عينيها كان أجمل مكان في العالم.
– "سنجعله مليئًا بالزهور، وسأكون معك خطوة بخطوة."
– "لكن المصاريف… والأطفال…؟"
– "سندبر الأمر، المهم أن أراكِ سعيدة."

خلال الأسابيع التالية، عملا معًا على تجهيز المحل. كانت يمنى تختار الألوان والديكورات، بينما فؤاد يهتم بالتصليحات. وفي اليوم الذي فُتح فيه المتجر لأول مرة، دخل الزبائن وانبهروا بجمال المكان.
وقفت يمنى خلف طاولة العرض، ترتب الورود بيدين ترتجفان من الفرح، وقالت لفؤاد:
– "لا أصدق أن حلمي أصبح حقيقة."
– "أنا فقط أعطيتك المفتاح… لكنك أنتِ من فتحتِ الباب."

مرت سنوات، وكبر المتجر، وصار معروفًا في الحي. وكلما سألتها صديقاتها كيف بدأت، كانت تبتسم وتقول:
"بدأ الأمر بزوج آمن بحلمي أكثر مني."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق