المكتبة القديمة
كان أحمد مولعًا بالكتب منذ صغره، لا يمر أسبوع إلا وقد أنهى قراءة رواية أو كتاب جديد. أما سارة، زوجته، فكانت ترى القراءة هواية مملة لا تحتاجها إلا وقت الدراسة.
لكن أحمد كان يؤمن أن الكتب ليست مجرد أوراق، بل عوالم كاملة يمكن أن تأخذك بعيدًا عن ضغوط الحياة.
في صباح يوم جمعة شتوي، اقترح أحمد أن يذهبا معًا إلى وسط البلد للتنزه قليلًا. لم يخبرها وجهته الحقيقية، بل اكتفى بابتسامة غامضة وهو يقود السيارة عبر الشوارع القديمة.
توقف أمام مبنى قديم، وعلى واجهته لافتة باهتة كتب عليها: "المكتبة الوطنية – منذ 1952".
نظرت سارة إليه بدهشة:
– "مكتبة؟ أحمد… أنت تعرف أنني لا أقرأ كثيرًا."
– "لهذا السبب جئنا… أريد أن أريك عالمًا مختلفًا."
دخلا المكتبة، وكان أول ما لفت انتباهها رائحة الورق القديم الممزوجة برائحة الخشب العتيق. الرفوف العالية تلامس السقف تقريبًا، والممرات ضيقة لكنها مليئة بالكتب التي يبدو أنها شهدت عقودًا من التاريخ.
أشار أحمد إلى ركن صغير في نهاية القاعة:
– "هذا هو قسم الكتب النادرة… ستجدين هنا عناوين لم تعد تُطبع منذ سنوات."
بدأت سارة تتجول بين الرفوف ببطء، تمرر أصابعها على أغلفة الكتب وكأنها تلمس شيئًا ثمينًا. توقفت أمام كتاب صغير بغلاف أزرق عليه رسمة لامرأة تحمل حقيبة سفر.
– "ما هذا؟"
– "كتاب عن رحلات امرأة زارت أكثر من 20 بلدًا في الخمسينات… أظن أنه سيعجبك."
جلست سارة على كرسي خشبي قديم وبدأت تتصفح الكتاب، بينما جلس أحمد بجوارها يقرأ رواية كان يبحث عنها منذ مدة.
مر الوقت بسرعة، وعندما نظرت إلى الساعة، اكتشفت أنها قضت أكثر من ساعة وهي غارقة في الصفحات.
قالت وهي تضحك:
– "لم أتوقع أن أستمتع بهذا الشكل… أشعر وكأنني سافرت معها."
– "هذا هو سحر الكتب، تأخذك إلى أماكن لم تزرها من قبل."
قبل أن يغادرا، اشترى أحمد لها ذلك الكتاب، وأصر أن يكون بداية مكتبتها الصغيرة في البيت. ومنذ ذلك اليوم، أصبحت زيارة المكتبة عادة شهرية لهما؛ يختاران كتابًا لكل منهما، ثم يقضيان وقتًا في أحد المقاهي لمناقشة ما قرآه.
وبعد عام، كان رف الكتب في غرفة المعيشة ممتلئًا، نصفه من اختيارات سارة. كانت تقول لكل من يزورها:
"أحمد لم يهدني مجرد كتاب… لقد أهداني عالمًا كاملًا."
جيد
ردحذفمين
حذفGood
ردحذفجميل
ردحذفرومنسي
حذفجيد
ردحذفالسلام عليكم
ردحذفبنت الاصول
ردحذفجيد
ردحذف