الرسالة المفقودة
كانت ليلى تجلس في غرفتها الصغيرة، وأمامها صندوق خشبي قديم ورثته عن جدتها.
قررت أن تفتحه لأول مرة منذ وفاتها، ربما تجد بعض الصور أو الحلي القديمة.
لكن ما شد انتباهها كان ظرفًا أصفر باهت، مكتوب عليه بخط يدٍ أنيق: "إلى ليلى… بعد عشر سنوات."
تجمدت يدها للحظة، قلبها بدأ يخفق بسرعة، فهي لم تكن تتوقع شيئًا كهذا.
مزقت الظرف بحذر، وأخرجت ورقة طويلة مكتوبة بخط جدتها.
"ليلى… حين تقرئين هذه الرسالة، ستكونين قد بلغتِ سن النضج، وربما تواجهين صراعًا بين قلبك وعقلك.
اعلمي أنني أخفيت عنك سرًا سيغير حياتك، وهو أن أباك الذي تربيتِ على أنه توفي… ما زال حيًا."
شهقت ليلى بصوت مرتفع:
– ماذا…؟ أبي حي؟!
تابعت الرسالة:
"هو يعيش في مدينة الإسكندرية، واسمه سامي. رحل لأسباب ستفهمينها إذا قابلتيه. لا تخافي من البحث عنه، فقد آن الأوان لتعرفي الحقيقة."
جلست ليلى على السرير، تحدق في الحروف وكأنها لا تصدق.
بعد دقائق من الصمت، أمسكت هاتفها، وبدأت تبحث على الإنترنت عن اسمه.
لم يكن الأمر سهلًا، لكنها وجدت رقم هاتف لمحل كتب قديم في الإسكندرية يحمل اسم "سامي عبد الله".
اتصلت، وجاء صوت رجل مسن:
– ألو؟
– هل… هل أنت سامي عبد الله؟
– نعم… من معي؟
ترددت، ثم قالت بصوت مرتعش:
– أنا… ليلى. ابنتك.
ساد صمت طويل، قبل أن تسمع تنفسه الثقيل.
– كنت أعلم أن هذا اليوم سيأتي… أين أنتِ الآن؟
– في القاهرة… لكن يمكنني أن آتي إليك.
– تعالي غدًا، سأكون في المقهى بجانب محل الكتب، الساعة الرابعة.
في اليوم التالي، وقفت ليلى أمام المقهى، قلبها يدق كطبول الحرب.
دخلت، فرأت رجلاً بملامح تشبه ملامحها كثيرًا، يجلس في زاوية هادئة.
عندما التقت عيناهما، شعرت وكأن الزمن توقف.
ابتسم سامي بخفة، والدموع تلمع في عينيه:
– كنت أعد الأيام لأراكِ… يا ابنتي.
جلست أمامه، وهي تحاول أن تجمع شتات مشاعرها بين الصدمة والحنين، مدركة أن هذه اللحظة ستغير حياتها للأبد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق